وليد ابلان
الخوض في ظروف وأحداث المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد ، هي مجازفة حقيقية لكل من يكتب بحيادية وموضوعية في هذا السياق ، نتيجة لحالة الغموض والتكتم الشديد والتضليل الإعلامي والفبركات الصحفية المتعمدة التي تمارسها الوسائل الإعلامية التابعة والمناصرة للقوى السياسية والحزبية ، عند كل حدث أو مشكلة تحصل في البلاد. فكل تلك القوى تقوم باستغلال الأحداث والمشاكل ، وتوظفها في صراعها السياسي والمناكفات الحزبية بطرق وأساليب لا تخدم المصلحة الوطنية والوفاق السياسي الذي لازال كسيحا ، ولا تخدم أيضا الحقيقة التي غيبت عن الناس بشكل متعمد نتيجة التظليل الإعلامي الممنهج الذي أصبح يمارس بشكل بشع .
لذا كل من يكتب بموضوعية وحياد ، يحتاط بشكل كبير ويتعامل مع كل معلومة تصل إليه أو تنشر بحذر شديد ، حتى لا يقع في فخ التلفيق ، أو التسويق لمعلومة كاذبة تعمد مصدرها تسريبها لخداع وتضليل الرأي العام .
وحاليا تشهد مسالة الحوار الوطني المزمع انعقاده منتصف الشهر القادم لغط إعلامي وسياسي ، وكل طرف يتهم الآخر بعرقلة الحوار وخرق التسوية السياسية ، ووسائل إعلام كل طرف تحرض على الأخر وتنشر الأكاذيب والشائعات ،ليصاب المواطن البسيط بحيرة شديدة جدا ، من يصدق ؟ ومن يكذب ؟ ، من على حق؟ ومن على باطل ؟ ، ليصل به كل هذا الضجيج إلى قناعة تامة بان كل الاطراف على باطل وغير صادقة فيما تقوله أو تفعله ، ويسهم انعدام الشفافية والشجاعة الأدبية لدى معظم أعضاء اللجنة الفنية للحوار الوطني بشكل كبير في هذا التظليل الذي يتعرض له المواطنين المستقلين الذين يشكلون السواد الأعظم من الخلق مقارنة بالمواطنين المتحزبين الذين يصدقوا ما تقوله قيادتهم ووسائل إعلامهم دون ادني تأمل أو تفكير .
فلو تحملت اللجنة الفنية للحوار مسؤوليتها بشكل حقيقي لخرجت وأعلنت للناس من هو الطرف الباغي والمعرقل للحوار ، وكفت الناس شر هذا التظليل والتزييف الممنهج ، وأرست دعائم قوية لانطلاق الحوار بشكل صادق ، يجعل كل طرف تحت المجهر والرقابة الشعبية ، التي تفرض على المتحاورين احترام آداب الحوار، والكف عن أي ممارسات لا تخدم الحوار والمصلحة الوطنية . فالبدايات دائما ذات شأن عظيم ولا تتكرر أبدا كما يقال ، ويجب ان تكون بدايات الأعداد والتهيئة للحوار ذات شأن عظيم ، لأنها تؤسس لعمل وطني كبير يسهم في انجاح الحوار الوطني بالشكل الذي ينبغي ، أما إذا كانت البدايات هزيلة ومصابة بحمى النفاق السياسي والاجتماعي ، فانتكاسة الحوار وفشله أمرا وارد ومتوقع لا سمح الله ، نتيجة لهذه البدايات المتعرجة والمترددة التي لم تكن عند مستوى الحدث التاريخي الكبير الذي ستشهد اليمن منتصف الشهر القادم
المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد عصيبة ومعقده جدا ، وتتطلب من الجميع تحمل المسؤولية تجاه الوطن بكل صدق وإخلاص ، ومؤتمر الحوار الوطني القادم هو اختبار كبير وصعب لليمنيين ، اما أن يجتازوا المرحلة بكل تعقيداتها وأزماتها ومشاكلها بسلام ،أو ان تتفاقم أزمات البلاد ومشاكلها وتدخلنا في دوامة العنف والاحتراب والصراعات الدامية لا سمح الله ، والآمال معقودة هنا على حكمة اليمنيين واصطفافهم الوطني وتحمل كافة القوى السياسية والحزبية والقبلية والاجتماعية والصحفيين والأدباء والمفكرين وكافة شرائح المجتمع المختلفة لمسؤوليتهم تجاه الوطن بكل صدق ونزاهة ، وتغليب مصالح البلاد العليا على مصالحهم وأهوائهم الشخصية والحزبية ، فالوطن في مرحلة دقيقة وحساسة وبحاجة إلى نبذ كل الخلافات ، وإيقاف المناكفات والمهاترات الغير مسئولة ، الوطن بحاجة إلى وفاق حقيقي وانسجام سياسي يخدم ظروف وحساسية المرحلة الراهنة التي لم تعد تحتمل أي حماقات أو صب للزيت على النار التي لو زاد سعيرها اشتعالا حتما سيحرق الجميع دون استثناء.