أثار تقرير صدر لمنظمة حقوقية مصرية مؤخرا القلق من تنامي حوادث الاعتداء والتحرش بالنساء حيث اشار التقرير الى أن مصر شهدت 211 اعتداء من هذا النوع على نساء خلال العام الماضي..
والتقرير الصادر عن "الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات" المصرية اشار أن هناك 151 حالة اغتصاب تنوّعت بين الاغتصاب الجماعي والاغتصاب الفردي.
وأشار التقرير الذي حمل عنوان "مشاكل معاصرة للمرأة المصرية وجرائم الاعتداء على العرض"، الا أن هذه الحالات هي الحالات التي تم الإبلاغ عنها في أقسام الشرطة والتي تم القبض فيها على الجناة.ولفت الى أن الحوادث التي لا يتم الإبلاغ عنها تفوق هذا العدد بكثير، خوفاً من الفضيحة والعار الذي يجلبه الحدث على المغتصبة وأهلها.وأضاف أن العام 2008 شهد 46 حالة تحرّش جنسي و14 حالة هتك عرض وقعت على نساء مصريات. وفي تقرير اخر صادر عن "المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية" كشف أن مصر تشهد سنوياً 20 ألف حالة اغتصاب، وأن جرائم وحوادث الاغتصاب تحدث بمعدل حادثتين لكل ساعة واحدة تقريباً.
وتطالب منظمات وجمعيات حقوقية ومجتمعية بضرورة مواجهة حوادث التحرّش الجنسي في مصر. وتقول منظمات نسائية في مصر أن أكثر من 90% من النساء والفتيات المصريات والأجنبيات يتعرّضن لحوادث التحرّش الجنسي عن طريق الألفاظ أو اللمس في الشوارع المصرية وأماكن العمل.

- الأسوأ في العالم
بعد الانتشار المطرد في ظاهرة "التحرش اللفظي والجسدي" الذي تتعرض له آلاف الفتيات والنساء في مصر، لم يقف انتقاد هذه الظاهرة عند حدود المجتمع المصري نفسه، أو حتى العربي والإسلامي، بل وصل حدّاً جعل إحدى الصحف الأمريكية تتحدث عنه، مؤكدة أن الولايات المتحدة وبريطانيا، حذّرت رعاياها من إمكانية تعرضهنّ للتحرش في مصرحيث قالت إحدى الصحف الأمريكية: "إن مصر تعد واحدة من أسوأ دول العالم في نسبة التحرش بالنساء في الشوارع والأماكن العامة". معتبرة أنها تأتي في المرتبة الثانية عالمياً بعد أفغانستان. وقالت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، في تقرير نشر مؤخرا "إن الولايات المتحدة وبريطانيا تحذر ان النساء المسافرات إلى مصر من إمكانية تعرضهن لاعتداءات جنسية ونظرات غير مرغوب فيها".
ولفتت الصحيفة إلى انتشار الإعلانات في الشوارع ورسائل البريد الإلكتروني، التي تدعو المرأة لارتداء الحجاب في مصر للحماية من التحرش. موقع بي بي سي التقى عددا من نساء مصريات تحدثن عن المعاكسات والتحرش الذي تعرضن له في شوارع القاهرة بشكل يومي.

- اشعر بالخوف
تقول بوسي عبدة: أتعرض للمعاكسات والتحرش مئة مرة في اليوم. حاولت كثيرا أن أوقف المعاكسات ولكن التحرش لا يتوقف. أرتدي ملابس فضفاضة ولا استخدم مساحيق التجميل، وأمضي أكثر من ساعة كل يوم أمام المرآة لأفكر في طريقة لإخفاء ملامح جسدي. أعود لبيتي يوميا سيرا لأنها مسافة قصيرة تحتاج فقط لربع ساعة أعبر فيها جسرا. وعادة ما يكون الجسر مزدحما ومكتظا بالسيارات ولكن هذا لا يمنع الرجال من التحرش بالفتيات، أية فتيات سواء كن جميلات أم لا، محجبات أم لا. أتذكر الكثير من التحرشات المثيرة للخوف ,مرة كنت مع أبي وعمتي وأخذ رجل يحدق في ويلقي قبلات لي. أبي بدأ يصيح فيه ويضربه. أعتقد أن الرجال يفعلون ذلك لأنهم عاطلون عن العمل وغير مؤدبين.

- اجهشت بالبكاء
وتقول نورا خالد أتعرض للمعاكسات كل يوم في الخمس دقائق التي أمشي فيها من منزلي إلى الشارع الرئيسي لأستقل حافلة المدرسة. كما أتعرض للمعاكسات في الثواني التي أعبر فيها الشارع عندما انتهي من درس السباحة في النادي. كنت انتظر حافلة المدرسة يوما عندما تعقبني سائق عربة ماكروباص وأخذ يسبني . شعرت بخوف وإحراج شديدين وانخرطت في البكاء.

- صورة مثيرة للقلق
تقول نهى وجيه كنت في السيارة مع أخي وتوقفنا ونزل أخي من السيارة لشراء بعض الأشياء من متجر. انتظرته خارج المتجر بينما نزل شابان من سيارة وسارا باتجاهي بصورة مثيرة للقلق. وأخذا يعلقان على شكلي وعلى ملابسي.
في العادة لا ارد على التحرش والمضايقات ولكني هذه المرة قلت لهما "أنا لست هنا في انتظار رجل". وأثار هذا أحدهما وأخذ يصيح بأني مجنونة. وأجبت أني حتى لو كنت عاهرة لما أعرته اهتماما.
جن جنونه عندما سمع هذا، واخذ يهددني بأنه رجل شرطة وانه سيلقنني درسا. وفي خلال دقائق توقفت ثلاث سيارات أخرى وأخذت مجموعة من الرجال تهددني أنا وأخي.
دونت رقم السيارة الأولى وقلت إني سأبلغ الشرطة عنه، فثار بشكل كبير واعتقدت انه سيضربني، فصفعته على وجهه وبدأت في الصراخ أنه سيغتصبني ففروا جميعا ووقفت مع شقيقي ونحن في غاية الخوف.

- حوادث بسبب الحرشة
تقول نانسي فخر أمشي كثيرا لأن لدي سيارة، ولكني أتعرض للتحرش من الرجال الذين يقودون سياراتهم إلى جواري. يحاولون أن يشتتوا انتباهي وقد يؤدي هذا إلى حوادث.
أشد التحرشات التي تعرضت لها كانت في الشتاء الماضي. لم تكن معي سيارتي وكنت أبيت في بيت أختي. استيقظت في السابعة لأركب الحافلة لأذهب إلى العمل. تعقبني رجل وأخذ يسبني. شعرت بالرعب وبدأت في المشي بسرعة وأحيانا الجري.
عندما اقترب مني كنت أخشى أن يلمسني فالتقطت حجرا ورميته به وأخذت أركض بأسرع ما يمكن حتى وصلت للشارع الرئيسي وركبت الحافلة
أتعرض للتحرش كل يوم على الرغم من أني أحمل طفلي اثناء السير. كنت أعتقد أن كوني أما سيعفيني من التحرش، ولكنه زاد من التحرشات.
مرة كنت انتظر الحافلة مع طفلي وتوقفت سيارة. لوح الرجل يده وبها 20 جنيها. إنه أمر لا يصدق. مرة أخرى كنت في الطريق إلى بيتي وقام رجل بفتح سحاب سرواله وهو في سيارته.
صرخت ولكنه صاح بي بشكل عدواني، وقال لي "انت فاكرة نفسك مين؟ لماذا انظر لك؟" تجمع المارة حولنا ولشدة دهشتي لم يتعاطفوا معي وأيدوه. دافعوا كلهم عن الرجل لأنهم يقومون بالشيء ذاته.

- لا أتجمل
زينب بولاقي أتعرض للتحرش كثيرا بدرجة لا يمكني إحصاءها، خاصة في المواصلات العامة.
تعقبني رجل من حافلة إلى أخرى. إذا وقفت وقف بجانبي وإذا جلست جلس بجانبي. في نهاية المطاف صحت فيه حتى ترك الحافلة..
توقفت عن ارتداء التنورات وتوقفت عن تصفيف شعري لدى مصفف الشعر وتوقفت عن استخدام مساحيق التجميل حتى أن خطيبي يسألني لماذا توقفت عن الاعتناء بشكلك كما كنت تفعلين.

- ميثاق للحد من الظاهرة
وللحد من ظاهرة الاعتداء الجنسي فان بعض الدول لجات الى اجراءات استثنائية للحد من هذه الظاهرة ،فقد نفذت كوريا الجنوبية منذ العام 2001 خطة مثيرة للجدل لعرض اسماء المدانين في جرائم جنسية على موقع حكومي على شبكة الانترنت، مما أدى الى اقبال شديد على الموقع في اكثر الدول استخداما للانترنت.وعرضت لجنة حماية الشباب اسماء واعمار ومهن وعناوين 169 شخصا ادينوا بحوادث الاعتداء والتحرش.

- أسباب نفسية
د. محمود الغزالي استاذ علوم النفس بجامعة قابس التونسية يحلل الظاهرة من وجهة نظر علم النفس والنظريات السلوكية
((التحرش هو ممارسة القهر من الطرف الذى يعتقد انه الاقوى تجاه الطرف الاضعف وهي الانثى بهذه الحالةوذلك بمحاولةاذلالها واحتقارها بدليل ان الرجل لا يتحرش بأية امرأة لكونه مستثارا في هذه اللحظه لكنه يختار المرأة ويحدد الطريقة فيما تكون لفظية او ايحائية او مباشرة بالاحتكاك)).
ويضيف د محمود قائل:
((التحرش الجنسي ظاهرة دخيلة على مجتمعاتنا المحافظة وانا برأيي ان مثل هذه الظواهر هي نتاج لعدم تحكم تربوي داخل الأسرة فالأسرة هي المكون الحقيقي لشخصية الابن أو البنت فإذا كانت الأم لاتراعي ماتفعلة إبنتها من الملبس والصداقة وكذلك الأب لايعي اي إهتمام لتصرفات اولاده وما يفعله الولد من الأمور التي لاتليق اكيد سوف تظهر مثل هذه الظواهر وغيرها اعتقد ان كل فتاة تعرضت بطريقة ما للتحرش الجنسي في المواصلات والشارع في باعتقادي إن السبب وراء ذلك هو المجتمع العربي الذكوري الذي يستضعف الانثى و يحب ان يطغى عليها بأي شكل. و لا اعتقد ان لمظهر الفتاة تأثيراً كبيرا لانه ثبت ان جميع الفتيات يتعرضن للتحرش حتى المنقبات واعتقد ان نفس الرجال الذين يقومون بمثل هذا التحرش في المواصلات و الشوارع في بلادنا لم يفعلوا ذلك في دول اوروبية او غير دولنا العربية لانهم ربما يعتقدون ان القوانين او العواقب هناك وخيمة وبالتالي فليس اللباس هو السبب و انما استضعاف المرأة و ضعف القوانين التي تدافع عن المرأة عند التعرض لهذه المشاكل وللاسف فإن المرأة ضحية ويستقوي الجميع عليها عند التعرض لهذه التحرشات.. و يجب على المرأة ان تثقف نفسها بحقوقها و ان تتعلم كيف تدافع عن نفسها و ان لا تكون سلبية بالسكوت على هذة المواقف التي تتيح التمادي للطرف الاخر)).
اخيرا يجمع علم الاجتماع وعلماء النفس والتربية على ان الاسباب مشتركة تقع في حدود البطالة وماينجم عنها من فراغ قيمي وكذلك تفكك الاسر والخلافات مابين الابوين والاحساس الذكوري بالتفوق على الانثى بوصفها الكائن الاضعف يساعد هذه الاسباب ظروف انتشار التقنيات التكنلوجية للاتصال وكذلك غياب الرقابة الاسرية والمجتمعية وبتأمل هذه الاسباب يمكن وضع الحلول والبدائل لظاهرة تعد من الظواهر الغريبة والدخيلة على موروثنا وعاداتنا العربية والاسلامية

التعليقات (0)

أضف تعليق

الإسم

البريد الإلكتروني

التعليق

تصغير | تكبير

أضف تعليق