كالنار في الهشيم انتشر خلال الاسابيع الماضية في المواقع والمنتديات الالكترونية خبرا مفاده ان فتاة سعودية تبلغ السادسة والعشرين من عمرها قتلت على يد شقيقها بعدما أشيع عن تحولها للديانة المسيحية، فما كان منه الا قتلها وتشويه جسدها، بينما تناقلت بعض المواقع تسجيلا صوتيا قيل انه للقتيلة، وتسرد فيه قصة تركها للدين الاسلامي والانتقال الى المسيحية.

الخبر الذي لم تبادر وسائل الاعلام الرسمية في السعودية لنقله أو التعقيب عليه، أثار ردود فعل مختلفة وسادت حالة من الهرج والمرج بين متصفحي الانترنت، وسط تأكيد من البعض بأن ما حدث يشوبه الكثير من اللغط، كما نفى مقربين من القبيلة التي تنتمي اليها الفتاة صحة ما ذُكر جملة وتفصيلا، الأمر الذي ترك الكثير من علامات الاستفهام حول الرقابة التي ينبغي فرضها على وسائل الاعلام الالكترونية، وخاصة المنتديات والمواقع غير الرسمية.

الدكتور محمد المنشاوي الباحث في كلية الملك فهد الأمنية لم يستبعد صدقية ما نُشر بشأن الفتاة، مؤكدا في دراسة أعدها لنيل شهادة الماجستير، أن (3728) مستخدم سعودي اشتركوا في القوائم الدينية على شبكة الانترنت خلال عام 2003، وهذا العدد يزداد عاما بعد آخر، وبيّن أن (29) مستخدم اشتركوا في المواقع النصرانية، و(10) مستخدم اشتركوا في المواقع اليهودية، و(6) مستخدم اشتركوا في المواقع البوذية، و(12) مستخدم اشتركوا في المواقع الهندوسية، و(26) مستخدم اشتركوا في المواقع اللا دينية ( الإلحادية ).

وذكر المنشاوي في دراسته التي حملت عنوان "جرائم الإنترنت في المجتمع السعودي" أنه ومن خلال البحث الذي استهدف تقريبا (150) مائة وخمسين ألف مستخدم حسب إحصائية مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وهم جميع مستخدمي الإنترنت في المجتمع السعودي- فقد اتضح أن (5) مستخدم أنشئوا مواقع نصرانية، و(3) مستخدم أنشئوا مواقع يهودية، و(2) مستخدم أنشئوا مواقع بوذية، و(3) مستخدم أنشئوا مواقع هندوسية، و(5) مستخدم أنشئوا مواقع لا دينية. وهو ما اعتبره الباحث خطرا عقائديا اشد وأدهى من الخطر الجنائي.

وفي حديث خاص مع "إيلاف" أكد المنشاوي أن "الدراسة الميدانية أثبتت أنّ هناك إقبالاً كبيراً للاشتراك في المواقع الدينية من قبل السعوديون، فقد وصل مجموع المشتركين في المواقع الدينية (3728) مستخدماً، وهو ما يمثّل نسبة (38٪) من مجموع المشاركين في الدراسة.

وقال المنشاوي بأنه اوصى في دراسته بالاهتمام بالمجال الدعوي على شبكة الإنترنت، سواء للمسلمين بإيجاد مواقع هادفة وبديلة عن المواقع الهابطة المنتشرة في شبكة الإنترنت، أو لغير المسلمين لدعوتهم للإسلام الذي هو أتمّ الأديان السماوية وخاتمها. وقد ارجع السبب في ذلك إلى عدم وجود جهة أمنية متخصّصة للتعامل مع جرائم وسلبيات الإنترنت.

وشدد الباحث على ضرورة إيجاد جهة متخصصة للتعامل مع جرائم الإنترنت ,وقايةً، وتحقيقاً، وضبطاً، وردعاً، بحيث تتلقي الشكاوى الخاصة بجرائم الإنترنت أو الممارسات غير الأخلاقية أثناء تصفّح الإنترنت، وتتمكن في الوقت نفسه من ملاحقة مرتكبيها والتحقيق معهم وتقديمهم للقضاء للبَتِّ في مجازاتهم شرعاً، مع قيام تلك الجهات بدورها الوقائي بتوعية المواطنين والمقيمين بمخاطر مثل هذه الأفعال وكيفية الوقاية منها.

وكذلك لإعلام وتعريف الجمهور بوجود مثل هذه الجهة المتخصّصة للتعامل مع جرائم الإنترنت، حيث يجهل الكثير من مستخدمي الإنترنت الجهة التي يمكن أنْ يتقدموا لها بشكواهم في مخالفات وجرائم الإنترنت، ويمكن أنْ تكون هذه الجهة فرعاً من الأمن العام، وتسمي مثلاً شرطة الإنترنت، أو أي مسمى آخر يوضّح مهمتها ويُعْرَفُ منه أنّها أنشئت خصيصاً مِنْ أجل التعامل مع جرائم ومخالفات الإنترنت.