المصور الفوتوغرافي السوري مظفر سلمان :أحاول دمج الوجوه مع محيطها المكاني والزماني

المتأمل في أعمال مظفر سلمان الضوئية التي احتفى بها معهد "جوته" بالعاصمة السورية دمشق يدرك أن ثمة علاقة حميمة بين المصور المبدع وما يحيط به من أمكنة وكائنات .. ويتجلى ذلك بموضوح من خلال  معرض مظفر سلمان الذي حمل عنوان (Punctum)وأحتوى على عشرات الصور باللونين الأبيض والأسود في محاولة لإظهار مكامن الجمال والسحر في الحياة عندما تكون خالية من التلوين كما يقول المصور الفوتوغرافي السوري مظفر سلمان في هذا الحوار والذي يتحدث فيه عن تجربته في مجال التصوير و معرضه الأخير الذي اقتبس عنوانه من مصطلح الفرنسي رولان بارت «العلبة النيرة» في محاولة لو خز المشاهد والتأثير فيه طويلاً.

دلالة

*هل ثمة دلالة فنية في اختيارك لتقنية الأسود والأبيض في معرضك Punctum؟

-طبعاً؛ الدلالة الفنية هنا تكمن في أن عدم التلوين يساعدني على الوصول إلى الفكرة (شعور، عاطفة) مباشرة دون مواربة ، فالأبيض والأسود في الصورة الفوتوغرافية على عكس الألوان، يتوفر فيها جماليات تزيينية لا تعنيني، فهي تشتت النظر، وبالتالي الرؤية، وهذا التشتيت لا يخدم نموذج صورتي الفوتوغرافية التي أقدمها.

لحظة

* هل يعنيك المكان بقدر ما تعنيك اللحظة عند اختيارك لهدف ضوئي إن جاز التعبير؟

-اللحظة هي أساس أنطلق منه، كونها تعطي المكان خصوصية قد لا يملكها في لحظة أخرى تمر.

وأعطي مثالاً لصورة التقطتها في شارع في مدينة حمص التي ولدت فيها، لطفلين عائدين من المدرسة في وقت متأخر، أصبح في هذه اللحظة ظليهما طويلين في الشارع بسبب وضعية الشمس، لو أخذت الصورة في الظهيرة لكان الظل قصيراً، ولما نتجت خصوصية المكان ويعد ذلك تفردا  للصورة عن مثيلاتها في ذات المكان.

 

دمج

* يلاحظ في بعض الصور الضوئية للمعرض أنك تمزج بين الأمكنة والوجوه أو الكائنات ما هي فلسفتك الإبداعية في ذلك؟

- ملاحظة في مكانها هناك مزج من نوع معين، وانطلاقا من الإجابة السابقة اللحظة مرتبطة بالكائن الحي وحركته، لأن الحركة تعادل الزمن هنا.

والتركيز على اللحظة ضمن المكان يضيف إلى الصورة بعداً جمالياً آخر، وهذا بدوره ناتج عن شيء أساسي ألا وهو الكائن سواء أكان (طيراً، حيواناً، إنساناً، نبات).

أحاول قدر المستطاع دمج الوجوه مع محيطها المكاني والزماني، لأن ذلك مقترن بالشبه الناتج بين المكان والإنسان، من العشرة القائمة بينهما.

أنسنة

*انطلاقا من طبيعتك الإبداعية المتمردة كما يبدو ..هل ترى أن خصوصية التصوير لوجه بشري تختلف عنها عند تصوير حالة حيوان؟

- ليس هناك اختلاف في ملامحهما، الأمر يتعلق بطريقة اللقطة وكيف تؤخذ، لو نظرنا إلى صور مجلة (ناشونال جيوغرافي) نرى صورا  لحيوانات متنوعة وغريبة بكل معنى الكلمة (الشكل، اللون، العادات الخاصة بكل نوع)، وبالمقابل لو وضعنا صورة كائن حي في مجموعة الصور لدي ستلاحظ أن هناك "أنسنة" للحيوان الموجود بالصورة، وهذا يعود لأسلوبي في التصوير.

تفاعل

* إلى أي مدى يعد معرضك الفردي الأول مرحلة جديدة في حياتك الفنية؟ وما هي ملامح التحول بعده إن وجد؟

- هذا الكلام سابق لأوانه، وأرى أن ملامح التحول غير واضحة حالياً، ويحددها المشاهد الذي سيراها  بعد صقل هذه التجربة أو المرحلة، ممكن أن لا يكون هناك تغيير بقدر كبير إلا أن كم اللحظات الملتقطة سيكون أعظم وأكثر انجذاباً وعاطفة.

وبعد المعرض هذا لابد من تكوين مرحلة جديدة في أسلوبي والسبب هو تفاعل الناس ومشاهدتها لمجمل الأعمال بحيث لا أستطيع عرضها مرة أخرى، ومجمل آراء المشاهدين سيؤثر في طريقة عملي القادمة.

والتطور ولا أسميه التحول لأن الطريقة الثابتة أي عمل ميزة، يحتاج هنا إلى فترة زمنية.

التفاعل السيئ سيأخذني إلى مستوى أفضل، وأنا لا أعتبر طبعاً أن الناس هم من يأخذون بيدي عندما ألتقط صورة، لكن تفاعلهم مع صوري بشكل أو بآخر هو تطوير في آليتي التقنية والفنية.

مدارس

* هل تنتمي لمدرسة معينة في التصوير الضوئي أم أنك تحاول التمرد على السائد؟

- أول مدرسة بالتصوير الفوتوغرافي كانت المدرسة الطبيعية، في عام 1856 ، ثم جاءت الحركة الانفصالية في نهاية القرن التاسع عشر، ونذكر منها نادي باريس 1883 ، وفي عام 1902 أسس ألفرد شتيغلتز جماعة انفصاليي الصورة وبعدها جاء المذهب التقني وثوريات التصوير الفوتوغرافي بعد الحرب العالمية الأولى ، وبعدها كان الصفائيين الذين دعوا إلى التمسك بدور الكاميرا الأساسي المقتصر على تسجيل الحقيقة كما هي يضاف إلى ذلك بعض المدارس الفنية الأخرى مثل مدرسة الباو هاووس الألمانية الداعية إلى التجريب وإلغاء الفوارق المتعجرفة بين الحرفي والفنان، بالإضافة إلى تجربة وكالة ماغنوم في الصورة الصحافية ، أنا بالنتيجة متأثر بكل تلك المدارس السابقة في التصوير الفوتوغرافي.

والمدارس نتاج ثقافات متعددة وتأثيرها لدي مجتمعة لا يمكنني أخذ مدرسة دون أخرى.

تصنيف

*بحكم عملك كمصور صحفي هل تعتقد أن التصوير الصحفي يختلف عن التصوير الإبداعي والفني كالذي تنتجه أنت في معارضك؟

- لا يوجد فرق وأعتبر أن الصورة الفوتوغرافي تملك اسماً واحدا هو الصورة الفوتوغرافية هذه الصورة يمكن استخدامها في الصحف ، أو المواقع الإلكترونية ، ويمكن عرضها في المعارض، وذلك يتبع قيمة الصورة بفحواها وما تحويه، وبمعنى آخر إذا استخدمنا المصطلحات الشائعة،

إذا كان هناك صورة فنية ذات قيمة جمالية عالية يمكن نشرها في الصحافة ونستطيع أن نسميها صورة صحفية لأنها أخبرتنا عن حدث أو أمر ما ، فالسؤال هل يقلل ذلك من مقدار أو فنية الصورة ؟ هذا يعني أن التسميات هي للتصنيف فقط وليس لتحديد القيمة.

موهبة

* هل تأتي أجمل الصور بالمصادفة أم بالسعي الحثيث؟

-المصور يحتاج إلى الصدفة أو الحظ ولكن هناك قاعدة معروفة في التصوير الفوتوغرافي أن الصدفة لا تأتي إلا للمصور الموهوب أي بمعنى آخر ، أن الموهبة مع العمل الحثيث والاجتهاد تضاف لهم الصدفة تنتج صور عظيمة، لا يمكنني الاعتماد على الصدفة فقط.

طباعة

*أخيرا ما هو مشروعك القادم في مجال التصوير الضوئي؟

- أحاول العمل على طباعة كتاب فيه عدد كبير من أعمالي في التصوير الضوئي، وهنا يأتي دور المؤسسات العامة والجهات الخاصة الداعمة، فانا لا أستطيع تمويل طباعة مثل هذا الكتاب بمفردي، أو التسويق له.

 وعلى الرغم من إصدار مطبوعات هائلة في تكلفتها وعددها بالتزامن مع معارض التشكيل في سورية، فإن كتب التصوير الفوتوغرافي نادرة التبني أو الطباعة، وحتى أن تواجد كتب التصوير العالمية أمام المهتمين لا يزال ضعيفاً أو معدوماً.

في معرضي المقام في صالة غوته في دمشق صممت بنفسي كتاباً من نسخة واحدة، وكانت ناجحة والآن أبحث عن دعم لهذا المشروع،  وأهميته تكمن في قلة وجود كتب في نفس الاختصاص كما وضحت سابقاً.

 

لمعرفة رسوم

التعرفة الجمركية

لسيارتك اضغط هنا