نبيل حيدر
• كان المشهد لائقا بالآدمية .. كل فريق يوزع منشوره في المسجد على المصلين بأدب و بدون مشاحنة أو مخاصمة المشادات و المعارك اللفظية أو الجسدية . الإصلاحيون يوزعون منشوراً و الحوثيون يوزعون آخر في نفس المسجد تاركين الناس مع قناعاتهم يقرؤون المكتوب و يتأملونه و يبنون أفكارهم كيفما شاءوا .
• طبعاً من النادر حدوث مثل هذا الأمر فقد جبلنا على التنازع و التخاصم الفاجر والطعن الفادح في الآخر المختلف . و هو إشكال ثقافي اجتماعي سياسي لا يزال قائماً و يهدد السلم الاجتماعي كل ساعة عبر عواصف التحقيد و التبغيض السائدة و التي يُطلق لها العنان و مع عدم القدرة على الفصل و التمييز بين النقد و القدح و فجور الخصومة.
• شأننا حتى يشتد عوده يجب أن يقوم على القبول بالآخر . و حيث أن كلاً على ليلاه يغني فلكل الحق في الغناء لليلاه ولبناه وبثيناه و عزّاه وكيفما يشاء , لكن مع تعلم و تدبر وسائل العيش المشترك التي تجعل حرية التعبير و التمذهب و الاعتقاد شأناً خاصاً بالفرد لا شأناً عاماً يُراد من خلاله قلب الطاولات و اقتلاع البلاط و تقليب التربة و النزول بحفريات تأتي بالخراب على كل شيء و بشكل بليد لا يستوعب أن المستقبل لا ينبني على االمحاولات الفاشلة لقص الأفكار و الجذور بقوة البارود أو بقوة السب و التحريض و توجيه الناس نحو الكراهية . كنت أريد كتابة توصيف الكراهية العمياء لكن للأسف لا يوجد في مصنع الكراهية صنف أعمى و صنف مبصر فكل الكراهية غير مبصرة وكلها خبط ع عشواء وحالها حال (عمياء تخضب مجنونة) .
• مجدداً و بدون هوادة أقول أن محاولات حلق شعر الاختلافات ليست إلا عملية قص ينتج عنها نمو جديد . ومن العبث الاستمرار في هدر و هتك الحياة بهذا الشكل الفاحش . ليعتقد كلٌ ما يريد و ليقل قناعاته للناس في إطار احترام وجود الآخر و في إطار تجنب عشق بث الكراهية و التحريض كأن الحياة لن تستقيم إلا بهذا النوع من السموم .