الخميس, 21 آب/أغسطس 2014   25. شوال 1435  Jumu'ah

  

Twitter


اقصر طريق الى القلب هي المعدة” و”المعدة بيت الداء”، هاتان المقولتان ربما تكتسبان معنى جديدا بعد اعلان علماء ألمان وأميركيين اكتشاف
“”دماغ ثان” في المعدة يعتقدون انه يقوم بدور كبير في تحديد سلوك الانسان.

الاكتشاف الذي تعود اصوله الى القرن التاسع عشر عندما سجل عالم الاعصاب الألماني ليوبولد اورباخ وجود طبقتين من الخلايا العصبية قرب قطعة من الأمعاء كان يشرحها، قد يدفع العلماء الى اعادة النظر في دراسة السلوك. فالتوقعات تشير الى ان “الدماغ الثاني” قد يحفظ معلومات عن رد الفعل الجسدي على عمليات عقلية، ويطلق اشارات تؤثر في القرارات التي يعمل الدماغ الرئيسي على مصادرتها في وقت لاحق، ويتبناها بصفتها قرارات واعية صادرة عنه.

ووجود عقدة من الاعصاب الدماغية في الجهاز الهضمي مسألة معروفة منذ بعض الوقت، لكن الجديد هو محاولات تحديد دورها وتأثيرها وعلاقتها بسلوك الانسان الذي يعتقد حتى اليوم انه يتأثر فقط بما يصوره الدماغ الرئيسي من قرارات وردود فعل.

ويرى العلماء الآن ان هذه العقدة العصبية قد تكون مسؤولة عن مشاعر الفرح او الحزن. لكن الذي لم تكشفه الدراسة بعد هو العلاقة بين “الدماغ الثاني” وبقية اجزاء الجهاز العصبي ودوره الدقيق في السلوك الانساني ومدى تأثيره او تأثره بالقرارات التي يتخذها “الدماغ الاول” الذي تعتبر قراراته صادرة عن توازن بين العوامل العاطفية والمنطقية.

ولا ريب في ان اكتشاف العقدة العصبية في المعدة لن يجلب البهجة الى العديد من علماء وأطباء النفس الذين بنوا نظرياتهم وتحليلاتهم في القرن الماضي على ما اكتشفوه من آليات ونظم عمل الدماغ. بل ان الكثير من الادوية التي تعالج الاضطرابات النفسية تتدخل كيميائيا في تعديل نسب تدفق موصلات معينة في الخلايا الدماغية. فهل يعني ذلك ان اطباء النفس سيضطرون الى الالتفات نحو العقدة العصبية في المعدة ام ان الامر لا يستدعي هذا الاهتمام والتركيز؟

ويشير الاكتشاف، من جهة ثانية، الى التعقيد الشديد الذي يطبع عملية صياغة وفهم وتفسير السلوك الانساني. فكلما ظهرت محاولة لوضع جميع العوامل المؤثرة في نظرية واحدة شاملة، جاءت الاكتشافات البيولوجية والجينية والقائمة على علم النفس الاجتماعي، لتجعل هذه المحاولات قليلة الاهمية وناقصة. فالانسان ما يزال الكائن الاكثر غموضا على سطح كوكب الارض والحامل للعدد الاكبر من الأسرار والخبايا.

وقد لا يكون من الحكمة إسباغ اهمية مبالغ فيها على الاكتشاف قبل تحديد تفاصيل عمل هذه العقدة العصبية ودورها، لكن من الواضح انها ستدفع العلماء الى اجراء المزيد من الدراسات والمناقشات والمقارنات، املا في فك المزيد من رموز وكشف ما تبقى من اسرار في الجسم البشري وتأثيرها على سلوك الانسان وتصرفاته وعلاقاته بمحيطه.

ويبقى السؤال عما اذا كانت المعدة الخاوية لدى ملايين البشر تؤثر على سلوكهم وعلى عمل “الدماغ الثاني”. إذ ما هي اهمية الكشف عن هذه العقدة العصبية اذا كانت المعدة التي تحملها خاوية والانسان يتضور جوعا؟.

كما ان الانسان الذي لم ينجح تماما بعد في فهم أسرار “الدماغ الاول” يفاجأ ان عليه فهم “الدماغ الثاني”.
هي مهمات تنتظر من العلماء والباحثين التصدي لها وإدراجها في سياق متناسق من المعلومات والمعطيات علّها تساهم في زيادة سعادة البشر.

عن موقع ايلبنانيون: www.elloubnanioun.org

 

أضف تعليق