يمن تودي نت -خاص:
بات الهدف من الزيارات المكوكية التي قام بها قادة بارزون في الجيش اليمني على رأسهم وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأشهر السابقة واضحاً وجلياً بعد أن أعلن الرئيس اليمني في كلمة غاضبة أمام حشد من العسكريين بدأ المعركة الحاسمة والتي يأمل أن تكون الأخيرة مع عناصر القاعدة التي اتخذت من بعض المناطق القبلية منطلقا لخوض حروبها "الانغماسية" ضد الجيش اليمني الذي نزف الكثير من الخسائر المادية والبشرية جراء الضربات المتتالية التي وجهها التنظيم لمراكزه الحيوية في عدد من المحافظات خلال الفترة الاخيرة.
وتأتي أهمية المعركة التي يخوضها الجيش اليمني ضد القاعدة في محافظات ابين وشبوة أكبر معاقل التنظيم بسبب المكانة التي تحظى بها اليمن في أدبيات القاعدة فهي أرض "المدد " استناداً إلى المورث الديني السلفي- الجهادي الذي يتكئ عليه التنظيم والذي تطور عبر مراحل تاريخية من خلال تفاعله مع أحداث جعلته الوحش الذي يبدو عليه اليوم .
ويعتبر مراقبون أن غياب الدولة المادي والمعنوي في كثير من مناطق اليمن ساهم كثيراً في تقديم الدعم غير المباشر لانتشار فكر القاعدة واتخاذها من بعض المناطق التي يكاد ينعدم فيها وجود الدولة مراكز للتدريب وإرسال الانتحاريين .
وقد كانت الأحداث السياسية التي مر بها اليمن في العام 2011م جراء الأزمة السياسية و انقسام الجيش مابين مؤيد للرئيس السابق علي عبدالله صالح ومنشق عنه قنطرة العبور التي مكنت التنظيم من المرور إلى مرحلة أخرى ساهمت في نمو القاعدة وانتشارها متدثرة بالصراع السياسي الذي جعل من حقيقة وجود القاعدة مادة لاقتناص اللحظات الدامية وتحويلها إلى مكاسب سياسية من جميع الأطراف وخصوصا المعارضين لنظام صالح الذين دأبوا على اعتبار العمليات الإرهابية في اليمن مجرد صناعة سياسية يتم تصدريها من داخل القصر الجمهوري بل تجاوزوا ذلك إلى الربط بين بعض أجهزة الأمن وانتشار القاعدة في مناطق لم يكن أحدا يتصور أن تصل إليها .
ويعتبر مراقبون أن الصراعات السياسية في اليمن قد ساهمت إلى حد كبير في إضعاف الجبهة الداخلية في مواجهة الإرهاب حيث كان يتم التشكيك في كل العمليات التي تستهدف مؤسسات الدولة ويتم إضفاء طابع سياسي عليها وهي الأمور التي كان يتم الانشغال بتفنيدها مع كل قراءة محايدة لثقافة قادة التنظيم الذين لا يؤمنون بالسياسة أصلا.. فضلا عن إيمانهم بالبراغماتية السياسية التي تكذبها حلقات الصراع المتتالية بين أجهزة الاستخبارات المحلية والدولية مع القاعدة في اليمن وسقوط أبرز قادتها تباعاً بدء من أبو علي الحارثي وصولا إلى أنور العولقي.
وقد ساهم تحويل قضية الإرهاب في اليمن وتنظيم القاعدة إلى ورقة سياسية تستخدمها كل الأطراف المتنازعة لتحقيق مكاسب إضافية والبحث عن تأييد خارجي في تعميق المشكلة التي باتت تحدياً هائلاً يهدد كيان الدولة اليمنية وثقلاً ينوء بكاهل الجيش اليمني المنهك والذي يأتي تحركه هذه المرة أكثر جدية في إنهاء هذا الملف بالتزامن مع عدد من العوامل الداخلية والخارجية التي ترجع كفته في تحقيق انتصار ملموس ولكن بثمن باهظ.
وتأتي هذه المعركة مع القاعدة في ظل إصرار دولي ومحلي غير مسبوق لتقليم مخالب التنظيم التي وصلت إلى حد غير مقبول في مستوى ماتمثله من خطر أمني بات يهدد المنطقة ..كما تأتي هذه المعركة مع تراجع غير مسبوق أيضا في نسبة التعاطف مع القاعدة التي كانت تحظى بالقبول في بعض مناطق اليمن القبيلة باعتبارها حائط صد في وجه المشاريع الأمريكية التي تستهدف المنطقة غير أن عمليات التنظيم ضد الجيش والأمن ورجال القبائل وحتى المدنيين تسببت في تراجع شعبية القاعدة إلى درجة كبيرة في مناطق كانت لها اليد الطولى فيها .
ويعتبر الناشط السياسي والحقوقي اليمني علي سيف حسن أن القاعدة ارتكبت خطأ استراتيجيا في اليمن عندما حولوا تصنيفها من "أرض المدد" إلى "ساحة قتال"
والأكثر من ذلك عندما انتقلوا من محاربة أمريكا ومن في مستواها إلى قتل اليمنيين سواء من الأفراد العسكريين والأمنيين إلى المؤسسات والوحدات العسكرية وانزلاقهم في الفترة الأخيرة إلى قتل المختلفين معهم فكرياً ومذهبياً وهكذا وضعوا أنفسهم في مواجهة اليمن واليمنيين بشكل عام .
وكان "بعض وسائل الإعلام العربية" قد نشرت في وقت سابق تفاصيل رسالة بين أسامة بن لادن وأمير القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي حذر فيها بن لادن قاعدة اليمن من فتح جبهة جديدة ضد الجيش والقبائل كما هو حاصل في العراق وسوريا معتبراً أن فتح مثل هذه الجبهة ستكون له عواقب كبيرة على مستقبل التنظيم .