لجنة البيئة والسياحة بمجلس الشورى من أبرز الجهات المنوط بها وضع التصورات الخاصة بالوضع البيئي في اليمن ووضع الحلول والمقترحات التي تسهم في الحد من مظاهر التلوث البيئي، ووضع المقترحات الخاصة بتطوير السياحة. وللاقتراب أكثر من قضية هامة تمس اليمن الحاضر والمستقبل الأرض والإنسان، إنها قضية الكابوس البيئي المخيم على العالم بأسره. التقتينا بالاستاذ عبد الحميد الحدي رئيس لجنة البيئة والسياحة بمجلس الشورى اليمني وكان هذا الحوار:
* أولاً ما هو تقييمك العام للوضع البيئي في اليمن؟
>> كما تعرف ويعرف الجميع بأن موضوع البيئة لا زال حديث عهد ليس فقط بالنسبة الى اليمن وإنما في العالم كله، فالاهتمام بقضية البيئة ومكوناتها الرئيسية من تربة ومياه وهواء وحيوانات وأحياء بحرية لم يبدأ الاهتمام بها وشؤونها وأضرارها وسلبياتها والتلوث البيئي الرهيب الذي يعصف بالمعمورة إلا في السبعينات وتحديداً حينما أطلق في ذلك الوقت السيد يوثن صيحته المشهورة داعياً الدول الصناعية وبالذات أمريكا وأوروبا واليابان ودول جنوب شرقي آسيا إلى وقف التعامل الجائر مع الطبيعة ومكوناتها فعقدت العديد من المؤتمرات كان أبرزها في مدينة ستوكهولم عاصمة السويد في عام 1972 هذا المؤتمر أظهر كتلتين رئيسيتين في العالم..
كتلة الدول الصناعية وهي المسؤولة تحديداً عن التعامل الجائر مع مكونات الطبيعة من إبادة للغابات من مخلفات المصانع التي لا حدود لها إلى البحار من استعمال المواد الكيماوية الضارة بالبيئة والإنسان كل هذه المظاهر شكلت نقطة تحول تأريخي في حياة البشرية، فيما يتعلق بالبيئة فكان الصراع في ذلك الوقت بين الدول النامية والدول الصناعية، وكان من وجهة نظر الدول النامية أنه يجب وقف عملية التصنيع لأنها مصدر تلوث البيئة وكان من أحد زعماء أو مندوبي الدول الأفريقية في ذلك الوقت أن قال ساعدونا في تطوير بلداننا ومرحباً بالتلوث من أجل رفع المستوى المعيشي لشعوب العالم الثالث.
فكأن البيئة أخذت منحى سياسيا والمراد هو منع التكنولوجيا والتطور العلمي والثقافي والتقني والصناعي لبلدان العالم الثالث.بحيث أنها تكون مصدراً للمواد الخام والمواد الأولية لتغذية الصناعات في الدول المتقدمة الصناعية ومن خلال هذا الجو المشحون بإيديولوجيات ذلك الوقت والنظرة الاقتصادية والنظرة السياسية لمفهوم البيئة خرج المؤتمر وشكل كما قلت نقطة تحول في تأريخ البشرية في مفهوم البيئة وأوجد حالة من حالات التوازن نعم للتنمية نعم للصناعة نعم للتطور والتكنولوجيا ضمن مستويات معينة من التلوث بمعنى أنه ليس بمقدورك أن تقضي على عملية التلوث بشكل مطلق وإنما بشكل يتناسب وطبيعة الصناعة والتحولات الاجتماعية التي لا بد أن تأخذها بعين الاعتبار الدول النامية وفي نفس الوقت أيضاً مطلوب من الدول الصناعية بنوع من الجدية في الحد من عملية التلوث والحد من التعامل الجائر مع مكونات البيئة.
ثم عقدت عدة ندوات في كثير من البلدان منها بلدان عربية وأيضاً كان يسمى الاتحاد السوفياتي روسيا الاتحادية حالياً في عديد من الدول الأوروبية وآخر المؤتمرات هي مؤتمران يعتبران من أهم المؤتمرات في التأريخ بعد مؤتمر استكهولم 1972 وهو مؤتمر البرازيل للأرض ومؤتمر جنوب أفريقيا ، هذه المؤتمرات شكلت تحولاً تأريخياً في اهتمام الإنسان بالبيئة ومحاولة العودة الى التعامل السلس والمسؤول والمرن بما يحقق حالة من التوازن البيئي.
وتحد من حالة الخلل البيئي الذي أحدثته تصرفات الإنسان بنوع من عدم الشعور بالمسؤولية حيال نفسه والآخرين ولهذا بدأت كثير من الدول الصناعية والنامية العمل على عملية الحد من التلوث والاهتمام بما يسمى بالمحميات الطبيعية والمحافظة على الطبيعة بكل مكوناتها الحيوانية وأيضاً القطاع النباتي والتربة والهواء وغير ذلك من الأمور التي تشكل مكونات أساسية للبيئة، والعمل على إيجاد بيئة إلى حد ما نظيفة لا نقول مطلقة ولكن إلى حد مامن هنا بدأت الدول النامية منها الجمهورية اليمنية وفي تقديري أنه خلال العقد الأخير من القرن الماضي بدا الاهتمام بالبيئة في اليمن وازدادت نسبة الباحثين والدارسين وفتحت بعض الأقسام في الجامعات اليمنية حول البيئة وعلوم البحار وهذه في نظري تشكل مرحلة متطورة من أجل بيئة خالية من التلوث، نحن في الجمهورية اليمنية نعاني العديد من المشاكل منها: أولاً نضوب المياه بحكم أن نسبة هطول الأمطار عندنا شحيحة ومحدودة لا تتناسب مع الاستهلاك الجائر للمياه، ثم أيضاً نحن نعاني من مشكلة الصرف الصحي، وعدم توفيره في معظم المدن اليمنية، ثم أيضاً نعاني من معالجة مياه الصرف الصحي إذ لا تتصور إذا كانت مجاري صنعاء، وهي من أكبر المجاري في الجمهورية بالنسبة الى الصرف الصحي يصب إليها بعض الزيوت والمخلفات النفطية، وهذه المواد تقتل بكتيريا صحية في معالجة مياه الصرف الصحي، وبدلاً من أن نعالج مشكلة تخلق لنا مشكلة أخرى في الوقت الذي كان يفترض أن يتم معالجة مثل هذه المخلفات بشكل مستقل دون صبها في أحواض مياه الصرف الصحي..
ثم نحن نعاني من عدم توفر شروط الصحة العالمية والمعايير لإنشاء وفتح المستشفيات سواء كانت الحكومية منها أو الخاصة، قد لا تتصور أنه لا توجد محرقة إلا في مستشفى الثورة العام في صنعاء لما يتم استئصاله من جسم الإنسان، وهذه أيضاً قد تكون أورام سرطانية خطيرة جداً وللأسف بدلاً من الحرق يتم التخلص منها برميها في المقالب، وهذه أيضاً تشكل حالة من حالات الخطورة التي يمكن أن تنذر بكارثة بيئية رهيبة جداً، فمشاكل البيئة عديدة منها الاستنزاف الجائر للمياه، ومنها عدم توفر الشروط والمعايير الدولية فيما يتعلق بالصناعات الوطنية في استخدام غير طبيعي فيما يتعلق بمكونات الصناعة وخاصة المواد الحافظة للصناعة، وأيضاً هناك استخدام المبيدات الحشرية فيما يتعلق بمختلف المنتجات الزراعية لم تعد فقط فيما يتعلق بالقات بل وصلت إلى حد الاستخدام بطريقة جائرة وغير رشيدة فيما يتعلق بالخضروات والفواكه.
> كرئيس للجنة البيئة والسياحة في مجلس الشورى ما هي برأيك الخطوات العاجلة والطويلة التي يمكن أن تساعد في الحد من الأضرار البيئية التي ذكرت؟
>> في تقديري الخطوات العاجلة هي الالتزام والاستفادة مما يسمى بالخبرات الاستشارية في كثير من أمورنا حيث أننا الآن نهمل الخبرات الاستشارية فيا حبذا لو أن كل قطاع من القطاعات الخدمية الحكومية يلتزم بوضع أو عرض أو طلب الخبرة الاستشارية في كل مجال من مجالات العمل حيث أنه في تقديري ما من مشروع في اليمن سواء كان خدمياً أو إنتاجياً إلا وله آثار بيئية، مثلا الطريق الذي يشق لا شك يخدم التنمية لكن ما هي آثاره السلبية حيث لا بد أن ندرس الأثر البيئي لهذا المشروع وبالتالي أستطيع أن أقيم المشروع ولكن بأقل حد ممكن من الأضرار البيئية اي كيف ابعد الطريق من الأرض الزراعية المنتجة وأحولها إلى مناطق قد تكون فيها بعض المرتفعات وبالتالي أحافظ على التربة الزراعية التي توفر لي نسبة معينة من احتياجاتي من الحبوب والفواكه أو مثلاً أريد أن أبني مستشفى ما هي مواصفات هذا المستشفى إذاً لا بد على الجهات ذات العلاقة أن تلتزم بمنح التراخيص للمنشآت الصحية التي يتم إنشاؤها بأسس ومعايير علمية. أيضاً تقنين ما يتعلق باستخدام المواد الكيماوية في الزراعة والتركيز على عملية التدريب والتأهيل للمرشدين الزراعيين.
كيف أستفيد من النظام القبلي في بعض المناطق من خلال المشايخ والأعيان والعقال الذين هم ملتصقين مباشرة بالمزارعين وكيف يتم الحد من استخدام هذه المبيدات التي يعود ضررها على المواطن وفي مجال الطاقة الخاصة بالتوليد الكهربائي يمكن أن نقلل من التلوث البيئي من خلال التوليد عن طريق الغاز بدلاً عن الديزل أو التربينات المائية كما لا بد أن نتخلص من مخلفات الطاقة الحرارية أو التوربينية بطريقة لا تؤثر على الأحياء البحرية وعلى الثروة السمكية وكيف أحد من الاصطياد الجائر من قبل الشركات التي كانت تتعامل في الماضي معنا وتفجر وتقضي على الكثير من الشعب المرجانية والثروة السمكية في البحار وبعد توجيهات الرئاسية والتي ركزت على تشجيع الاصطياد التقليدي للصيادين استطاعت الدولة بهذا القرار أن تحد من عملية الضرر البيئي بالنسبة الى الثروة البحرية والسمكية.
إذاً عندنا خطوات وهي كيف نضع قواعد تشريعية قانونية وفقاً للقواعد والقوانين المعمول بها في كثير من الدول ونلتزم بها ونطبقها وبهذا يمكن أن نحد من عملية التلوث البيئي.
> ماذا عن وضع البيئة البحرية في اليمن؟
>> نعتقد أن دور وزارة الثروة السمكية دور أساسي وهام فكما قلت لك سابقاً لولا قرار رئيس اليمني قبل سنوات لانقرضت الثروة السمكية من المياه الاقتصادية اليمنية وبالذات المياه الإقليمية والتي هي 21 ميلاً بحرياً والمياه الاقتصادية والتي هي 200 ميل بحري حيث كانت تدخل بعض السفن سواء كانت من دول عربية شقيقة في البحر الأحمر أو من دول بعيدة ولكن بتراخيص وعلى أساس ما يسمى باستثمار الثروة السمكية ولم تلتزم جميع الشركات سواء كانت صينية أو غيرها في تلك الفترة بالمعايير العلمية وضوابط العقود والتراخيص التي كانت تمنح لها فحتى عملية فرز الأسماك كانت تتم على سطح تلك السفن وتصدر بشكل مباشر دون العودة إلى الموانئ اليمنية وفقاً للاتفاقيات فالوكلاء التجاريون اليمنيون مكتفون بالفتات وبعض الدولارات التي تدفع لهم نظير الخدمات التي يقدمونها أو تدفع للمؤسسات الحكومية أو لوزارة الثروة السمكية مقابل التراخيص وكان هناك عبث في العشر السنوات الماضية بالنسبة الى الثروة السمكية بشكل رهيب وأنا في تقديري الشخصي كرجل سياسة واقتصاد اعتبرها القطاع الأول من القطاعات الاقتصادية كلها قبل النفط والصناعة لأنها ثروة لا تنضب.
> هل تقدمتم بتصور ما لتفعيل قطاع السياحة البيئية؟
>> من ضمن برنامج اللجنة تم تقديم أكثر من دراسة لمجلس الشورى حول البيئة البحرية والجزر اليمنية تضمنت تشجيع السياحة من خلال ضرورة وضع بنية تحتية للسياحة وفي تقديري أن السياحة البيئية من أهم السياحات ولتفعيلها لا بد من تنمية الجزر اليمنية وإيجاد المتاحف للأحياء البحرية وتشجيع سياحة الغوص.