الجمعة, 05 كانون1/ديسمبر 2014   12. صفر 1436  Jumu'ah

  

Twitter

نادية إسماعيل " سيدة الحرف  الأنيق" شاعرة  سعودية  ذاع صيتها ، لكنها محكومة بعادات وتقاليد وجغرافية منغلقة تقريبا عن العالم ـ حسب تعبيرها ـ  تراودها القصيدة في النصف الأخير من الليل ، والقصيدة  العمودية هي الأقرب إلى قلبها، كما أنَّها تعول على المشهد الشعري اليمني كثيرا ، فهو الأرقى ـ كما تقول ـ على مستوى الإبداع العربي، إلتقيتها واستمتعت بهسهسة لغتها فكانت هذه الحصيلة :-

حاورها /عبد الرقيب الوصابي.

* متى تكتب الشاعرة نادية إسماعيل القصيدة ؟ وهل لها أن تحدثنا عن أجواء الكتابة عندها ؟

-لا وقت محدد لكتابة القصيدة، هل يسأل المولود والدته قبل أن يأتي ..!!! قد يأتي الهاجس حين يتهيأ له المناخ المناسب أو حينما أكون في السيارة وقد تراودني القصيدة قبل نومي وكثيراً ما تأتيني في النصف الأخير من الليل والساعات الأولى قبل أن يتنفس الفجر وبعد أن تأذن الشمس لليل

بالرحيل .. قد أرى أبيات مكتوبة في لوح ربما أستطيع أن التقط ذاك الضوء الخافت لتسطع بعيني وتتضح الرؤيا فتتمخض عنها مولودتي الجديدة ..

* ماذا أبقت الطفولة في تضاعيف ذاكرة الشاعرة ؟ وهل ثمة مناطق محظورة في كتاباتك الشعرية ؟ .

- لم أكن يوماً طفلة، ولدنا كبارا وأظنني لم أفطم بَعد ... تلك المخلوقة الغريبة ( الذاكرة ) لو كانت تنطق لقالت وأفشت  الكثير من الأسرار، منطقة واحدة محظورة وهي الذات الإلهية وما يكتبه الملكان قصيدة أخرى .. والغزل الفاحش والمستهلك لإثارة الغرائز منطقة حمراء وما سواها قوس قزح .

*ما طبيعة القارئ الذي تفضلين مخاطبته في قصائدك ؟.

-  أخاطب جميع المستويات، خطابي موجه للقلوب قبل العقول قد يكون لكل شخصٍ منهم قصة أو رواية لا يستطيع البوح بها لعدم موهبته أو قدرته على الكتابة وحين يجد الطبق جاهزاً يتناوله ويستمتع به

و يتأثر ويسعد وكأنه هو من كتبه وهنا يأتي التفاعل الإبداعي للشاعرة حين تصل بإحساسها لكافة المستويات ويتفاعلون بما يكتب ويدغدغ أعماقهم فيكون قد أدى رسالته المطلوبة ووصل إلى ذروة إحساس القارئ .

*من الشعراء الذين قرأتِ لهم؟وبمن تأثرت ِ في مراحل الكتابة الأولى ؟

. لا أظن أن هناك شاعرٌ لم أقرأ له فالثقافة والإلمام بكل مخرجات الوسط الأدبي أمر ضروري يساعد الشاعرة على إضافة مخزون لغوي ومعرفي يساهم في تهذيب أدواتها الشعرية وتشذيبها حين البدء في الكتابة ..

أذكر أني حين كنت في المرحلة الابتدائية كان عند أبي مجلدٌ ضخم اسمه (المنجد ) كنت أنام وأصحو وهو بين يدي . العبقري ( المتنبي ) كان رفيقي منذ المرحلة الإبتدائية وكنت أعيش النص الشعري وأغوص في أغواره وأتلبس الشخصية وأرحل بين العصور لأفهم الحالة التى كتب فيها القصيدة وكم فتنت بشعر أبو فراس

الحمداني وحفظت الكثير من القصائد لشعراء العصر الجاهلي ومررت أطوف بكل العصور وأتفيأ منهما ما يناسب الحالة التى أعيشها بل وهرّبتُ لداخل المملكة دواوين لنزار وأدونيس و قاسم حداد وسميح قاسم

ودرويش والقائمة تطول ، كنت وما زلت نهمةً في القراءة ولم أشبع منها ولا أظنني سأشبعُ أبداً .. وربما تعدد المدارس الشعرية لها دور في كتابة القصيدة فأنا لم أعتمد على مدرسةٍ شعرية واحدة ..

*تزاوجين عند اشتغالاتك الشعرية ، ما بين التساؤل الوجودي ، والبوح الأنيق ... برأيك ما الذي تخفيه قصائدك ؟ وهل معنى ذلك أنك تقصدين  استكمال مشروع شعري ، تخططين من خلاله لتحقيق معجزة ما ؟

-  قصائدي تخفي أنثى عربية تحكمها عادات وتقاليد وجغرافية منفصلة منغلقة تقريبا عن العالم . يا عزيزي أنتهى زمن المعجزات .. الآن أصبح كل شيءٍ متاح ، بضغطة زر يذاع الخبر للعالم والقصيدة مشروع لا ينتهى وسيظل قائم إلى أجلٍ غير مُسمّى ..

*يلاحظ القارئ حضورا ملفتا لثيمة الحب  في تجربتك الشعرية ، برأيك ما هي الأسباب وراء تكثيف حضور هذه الثيمة ؟

-  في إعتقادي أن أساس الشعر هو الغزل لا أعترف بأي شاعرأ لو لم يكتب الغزل ، كتبت الغزل العفيف المقترن بالوجدان ، ودائماً الضمير والخوف مقترنانِ بقصائدي ، لا أدري ما جذور هذا الاقتران قد

يكون الحرمان العاطفي وقد تكون الغربة التى يعيشها معظم الشعراء لما يحملونه من همٍّ أثقل كواهلهم وما يحيط بهم من تغيرات ومن مشاكل إجتماعية وإقتصادية .. و .. إلخ ... باختصار .. الشاعر هو رسولُ المشاعرِ ويحمل في عاتقهِ مسؤوليةً إنسانية قبل كل شيء وأمامه واجبات وعنده رسالة لابد أن يوصلها ، ولا يخفى عليك أن المجتمع السعودي بصفة عامة  منغلق لمورثات أصبحت لا تغنى ولا تشبع ولا تقنع والآن بعد ثورات التكنولوجيا أصبح كل شيءٍ مفتوح بطريقة مخيفة جداً ، وهنا يأتي دور التربية في المحافظة على الذات وتنميتها داخلَ

هيكلنا وموروثنا الثقافي وعلى الأصول التى تربينا عليها بغض النظر عن وجود مورثات إجتماعية عفى عليها الزمن .

* يرى العض أن الشعر قد تراجع كقيمة ووظيفة ، أمام الفنون الأخرى ، لاسيما البصرية ، ما رأيك أنت ؟

- لا أعتقد أن الشعر تراجع برغم أن لكل فنٍ و حضور على حساب فن آخر ولكن يبقى الشعر درة الأدب بل أني على قناعةِ أن أغلب الفنون إن لم تكن أجمعها مجتثة من جذور الشعر والأدب ..

*هل استطاع النقد ، أن ينتج خطابا موازيا ، للخطاب الإبداعي ، أم أن معظم اشتغالات النقاد ، لازالت تحوّم ، حول النصوص التراثية البائدة ؟

-          هناك كثيرون من النقاد يشجعون الأدب الحداثي والإبداعي وبالذات في الآونة الأخيرة بعد ظهور قصائد النثر .. أعطوها من وقتهم الكثير من الجهد والعمل وأنا لا أنكرها ولكنني لا أوازيها على الإطلاق بالقصيدة العمودية الأصيلة .. فالإبداعُ لا يستدعي منا اختلاق نوعٍ آخر من الشعر وإنما بخلق صورٍ بلاغية واستعاراتٍ جديدةٍ في الشعر العمودي بِما يُعطي هذا الفن الإنساني البديع صفة الحداثة اللائقة ..

*هل قالت المرآة المبدعة كلمتها ، أم أنها لم تتمكن - حتى اللحظة - من كسر التقاليد الظالمة ، التي تقف بدورها إلى جوار الخطاب الذكوري ؟

- المرأة الآن تسير بخطى ثابتة في مملكة الشعر والأدب وكل الميادين بصفة عامة ، أما من ناحية الشعر فقد أبدعت كثيراً وذاع صيتها وأصبحت تقارع الرجال وقد تتفوق عليهم .. ولا أظن أن القيود أو التقاليد الظلامية حالت دونَ اقتحام المرأة لميادين الشعر والأدب أما عن كسر التقاليد المظلمة فلا أظن الشاعرة العربية استطاعت أن تنال هذا الفضل ولكنها تسعى وتُبدعُ داخل دائرتها

المُتاحةِ لها ..

*أيهما أقرب إلى قلبك ، قصيدة الشعر العمودي ، أو الشعر الحر ، أم النص المفتوح ؟...

-  بِلا شك يبقى الشعر العمودي هو الأقرب إلى قلبي وعقلي ، فالأساسُ هوَ سرُّ ثباتِ البناءِ والشعر العمودي هو أساس الشعر بكافةِ أشكالهِ وأصنافه .. على الرغم من اعترافي بالحضور القوي الذي حققه الشعر الحر وبالذات بعد أن تبنّاه عمالقة أمثال نزار قباني ومحمود درويش وفاروق جويده إلا أنَّ الشعر العمودي هوَ الأرضية التي أقفُ عليها وأنطلق منها في شعري وهذا لا يعني أني لم أكتب في الشعر الحر ربما قصيدتان أو ثلاث ..

*كيف تقيمين المشهد الشعري اليمني ، وإلى أي سقف بلغت القصيدة اليمنية ؟

-          المشهد الشعري اليمني من وجهة نظري هوَ الأقوى والأكثر جزالةً في المشهد الشعري العربي ككل ، وقد لاحظت أن شعراء اليمن لهم حضورٌ لافتٌ في كافة المسابقات الأدبية والشعرية ودائماً ما يُقدمون شعراً فريداً ورائعاً ، ولكن هذا لا يُنفي حقيقةً مهمة وهي أن المشهد الشعري في اليمن ضعيفٌ نظراً لقلة الفعاليات الأدبية والشعرية بالإضافة إلى الغياب التام للجهات الحكومية في دعم الشاعر اليمني ..

.

 

أضف تعليق