صنعاء - (رويترز)
عندما التحق عمر الفاروق عبدالمطلب بدورة لتعليم اللغة العربية في اليمن العام الماضي لم يكن بوسع أحد يذكر أن يخمن ما الذي ينوي هذا الشاب المنطوي القيام به ولا حجم الأثر المدمر الذي سيحدثه.
ما زال العاملون في مركز اللغات الذي أصبح مهجورا الآن والذي كان يدرس به يتعافون من أثر ما قام به النيجيري الذي يشتبه في محاولته تفجير طائرة كانت متجهة إلى الولايات المتحدة يوم عيد الميلاد الخامس والعشرين من ديسمبر - كانون الأول بعد أسابيع فقط من مغادرته اليمن.
وقال عادل بديع معلم اللغة العربية في معهد صنعاء إن متشددين مثل عبدالمطلب وهو طالب من أسرة غنية وليس له أي سجل جنائي استغلوا دورة اللغة العربية التي تدرس في اليمن كحجة لدخول البلاد لمقابلة أقرانهم من المتشددين هناك. وأضاف بديع "كان هناك شيء آخر يقومون به في اليمن لكن حجتهم كانت دراسة العربية."
ويشتهر اليمن بسبب رخص تكلفة المعيشة ونقاء لهجة السكان بأنه وجهة يفضلها كثيرون من دارسي اللغة العربية. لكن على مدى السنوات وفد عدد من المقاتلين الأجانب إلى اليمن متظاهرين بأنهم من دارسي اللغة العربية بهدف الانضمام إلى معسكرات تدريب تنظيم القاعدة.
ويقول مسؤولون إن أول مرة حضر فيها شريف موبلي وهو مواطن أمريكي محتجز حاليا في اليمن للاشتباه في انتمائه للقاعدة إلى اليمن كانت لدراسة اللغة العربية في معهد للغات قبل أن يلتحق بجامعة يديرها الشيخ عبدالمجيد الزنداني.
وكان عبدالمطلب في ثاني زيارة له إلى اليمن عندما التحق بالمركز في أغسطس- آب عام 2009 . وعندما انتهت تأشيرته في سبتمبر- أيلول اختفى لنحو شهرين ويعتقد مسؤولون أنه خلال هذه الفترة انتقل إلى مخبأ رئيسي للقاعدة هناك.
وبعد أربعة أشهر من محاول التفجير أظهر تصوير فيديو للقاعدة عبدالمطلب وهو يحضر معسكر تدريب تابع للقاعدة في الصحراء كما أظهر لقطات له في رسالة وداع فيما يبدو.
وخلال هذا الوقت التقى أيضا طالب الهندسة السابق بأنور العولقي وهو داعية متشدد أمريكي المولد تطلب واشنطن القبض عليه حيا أو ميتا.
وقال صبري سليم رئيس الكلية اليمنية لدراسات الشرق الأوسط وهي من أقدم مدارس اللغة العربية في صنعاء "كانت أهدافه ودوافعه محددة قبل مجيئه لليمن.. جاء لينفذ فقط".
ولليمن تاريخ طويل مع القاعدة التي تجعل من البلاد مقرا لجناحها في شبه الجزيرة العربية كما أنه ما زال يجتذب متشددين من الخارج.
ويراقب معهد سليم عن كثب الطلبة وسجلاتهم الأكاديمية ويتابع تحركاتهم أثناء وجودهم في البلاد ويجعلهم يوقعون إعلانا يقولون فيه إنهم سيلتزمون بلوائح المركز.
ومن بين تسعة آلاف طالب اجتازوا اختبارات المدرسة على مدى العقدين المنصرمين قال سليم إن واحدا منهم فقط كان متشددا وهو جون ووكر ليند.
وألقي القبض على ليند الذي أطلق عليه لقب "طالبان الأمريكي" في 2001 خلال حرب أفغانستان وحكم عليه بالسجن بموجب صفقة مع الولايات المتحدة لمدة 20 عاما لمحاربته إلى جانب حركة طالبان.
وأوضحت الحكومة اليمنية أنها لا تعتقد أن توجهات عبدالمطلب المتشددة ظهرت في اليمن بل في لندن حيث كان يدرس لكن عقب محاولة التفجير مباشرة حظرت إصدار التأشيرات لدى الوصول إلى المطار.
وصرح وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي ل(رويترز) بأن اليمن بدأ أيضا مراقبة الأفراد الذين يتقدمون للحصول على تأشيرات سياحية من سفاراتهم في الخارج.
ومضى يقول إنه اتضح أن إمكانية حصول مواطني الولايات المتحدة والكثير من الدول الأوروبية على التأشيرة في المطار تمثل مشكلة أمنية كبرى للحكومة.
وتابع الوزير إن هذه هي الطريقة التي جعلت الكثير من الجماعات المتطرفة تتمكن من دخول البلاد.
وفي حين أن مخاوف أمنية منعت طلبة محتملين من دخول اليمن لعدة سنوات الآن فإن مدارس اللغات تقول إن معدلات الالتحاق بها تراجعت بشدة في الشهور التي أعقبت محاولة التفجير الفاشلة للطائرة الأمريكية خاصة في الوقت الذي تفرض فيه الحكومة رقابة على التأشيرات.
لكن الصور المعروضة في صالة الاستقبال بمعهد صنعاء للغة العربية تدل على زمن كانت الأحوال فيه أفضل ، وتظهر إحداها فصلا دراسيا والطلبة ينصتون فيه باهتمام بالغ للمعلم في حين تظهر صورة أخرى مجموعة من الطلبة وهم يقفون لالتقاط صورة لهم في الحديقة الخالية حاليا.
وقال بديع "نحن على وشك الإفلاس" مضيفا أنه لم يتبق سوى طالبين فقط أحدهما من كوريا الجنوبية والآخر من الولايات المتحدة.
وذكر بلمان سيهومبينغ وهو طاه من اندونيسيا جاء لدراسة العربية مع زوجته وابنته أن أسرته لم تتمكن من الحصول على التأشيرة إلا بمساعدة مدير المدرسة.
وأضاف "كانت التأشيرة مشكلة من السفارة في بلادي. لم يوافقوا على منحها لي بسبب محاولة النيجيري (تفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة).. لذلك كل السفارات لا تمنح تأشيرات."وقال سليم إن الأحداث الأخيرة أضرت بالمعهد ايضا بشدة".
وسيستضيف معهده الذي تعترف بشهادته 100 جامعة من أنحاء العالم 32 طالبا فقط مقارنة بما يصل إلى 85 في العام الماضي و230 طالبا في 2008 .
وتمثل المخاوف الأمنية في اليمن اعتبارا أساسيا في عمله. كما يواجه اليمن أيضا أعمال عنف بين القوات الحكومية وانفصاليين في الجنوب وأنهى لتوه جولة دموية من القتال مع المتمردين الحوثيين في الشمال.
وأضاف "كانت هناك تراكمات لكن قضية النيجيري كانت أسوأ قضية لو لم أكن أملك المبنى الذي نحن به لكنا قد أغلقناه حاليا."