أحمد الخوربي
تمر الأيام بشكلٍ سريعٍ للغاية ، ويطوي اليومُ الأمسَ وما يكاد اليوم يتهيأ لأخذ موقعه في مساحات الزمن المتواري والمتعاقب حتى يتوثب الغدُ ليأخذ مكانه بطي اليوم ، تسارعٌ وتتابعٌ زمنيٌ أشبه بتسارع نبضات القلب وجري الدماء في الأوردة والشرايين والعروق .
أيام قلائل وبالتحديد ثمانيةُ أيامٍ فقط وتنطلق جلسات مؤتمر الحوار الوطني ..
فماذا أعددتم - ولا أستثني نون النسوة كونها الأصل - ماذا أعددتن وماذا أعددتم لتلك اللحظة التأريخية الاستثنائية في حسابات الزمن وكلكم تتهيأون للولوج فيها وحضور تفاصيلها ؟ وياترى ماذا ستكون زؤادة تلك اللحظة المفصلية في مصير وطنٍ وأمة ؟ هل بالفعل جميعكن وجميعكم جاهزون لدخول بوابة ذلك الحوار الذي سيكون الحدث الأهم في تأريخ اليمن حديثه ومعاصره ، لأنه المننعطف الحقيقي لما ستكون عليه اليمن وأهله في فرصةٍ استثنائية قد لاتتكرر وربما لن تتكرر ؟
أتدرون لماذا أطرحُ مثل تلك التساؤلات ؟
أطرحها لأنني - وبعيداً عن الموجبات التي تستلزم ذلك كمواطنٍ ينتمي بشرفٍ إلى تلك التربة الغالية - موقنٌ بأن ملايين اليمانيين قد بدأت بتسمير عيونها وأذانها ووجدانها إلى ذلك المؤتمر الذي سيتحدد عبره ومن خلالكم شكل وطنهم ونمودج أوضاعهم ومصير ابنائهم والأجيال القادمة متخليةً عن حاجياتها الفردية ومصالحها الذاتية، ومتناسيةً لكل أنواع الضغائن والبغضاء وطاويةً جراحاتها وأوجاعها - إن وُجدت - .. فهل تعنون ذلك .؟ ، وبالتالي تعنون ضخامة المسئولية التي وضعتم أنفسكهم فيها ، أو حتى وُضعتم فيها ؛ إنها امانة المسئولية التي تبرأت من حملها الجبال .. فهل أنتن وأنتم أهلٌ لها ؟؟!! .
وعليكن وعليكم كذلك أن لا تظنوا أن في ذلك تقليلٌ من قدراتكن وقدراتكم ، بل الخشية من أن تأخذكم العزةُ بالإثم إذا ما سيطرت النوازع الذاتية وتم شخصنة القضايا وفصلتم المواضيع والحلول على أنفسكم فتناسيتم اليمن .
ومن هذا المنطلق .. كم أتمنى ويتمناه ملايين اليمانيين من البسطاء أن تكون اليمن فوق كل مصلحة وغاية والأسما من كل اعتبار ، لتضعوا ولتضعنَ كل قضايا الوطن على طاولة الحوار أو حتى طاولاتها بشفافية وبدون تحفظٍ ، وبحيادية لا تستحضر المصالح الذاتية أو الفئوية أو المناطقية أو المذهبية أو حتى الفكرية والأيدولوجية مهما تراءت، وبنكران ذاتٍ لا تعلي ولا تسيِد ولا تضع في الصدارة غير اليمن ؛ وما لم تكن تلك المفردات أبجدية الحوار فلا جدوى للتحاور ..
وكم أرجو وترجوه وتأملهُ ملايين اليمانيات واليمانيين أن تدخلوا الحوار وما من مواضيع وطروحات إلا اليمن ، وما من مشاريع وتصوراتٍ إلا اليمن ، وما من رؤىٍ وأفكارٍٍومقترحات حلولٍ إلا ونصبُ عينها اليمن . تخلوا عن ولاءاتكم القبلية والأجتماعية وانتماءاتكم الحزبية والمذهبية أية مشاريع طائفية لأجل اليمن ، ولا تنسين ولا تنسوا أن تكون رؤاكم وحلولكم وطنية - قدر الممكن - منزهين عن الارتهان لأي طرفٍ كان،( ومبتعدين عما تفرضه نواميس الوصاية من التزاماتٍ وتعهدات ؛ حتى تثبتن وتثبتوا للعالم أجمع صدق حديث الرسول الأعظم محمدبن عبدالله عليه أفضل الصلوات والتسليم في وصف أهل اليمن في حديثه النبوي (( الإيمانَ يمانٍ ، والفقه يمانٍ والحكمةَ يمانية)) . وإن غداً لناظره قريب .